يشهد العالم أزمة كبرى في ظل الحرب الروسية – الأوكرانية، وما أسفرت عنه من تداعيات تجاوزت أطرافها، لتمتد إلى مناطق أخرى في العالم، فضلاً عن أن هذه الحرب أثارت جدلاً حول ما إذا كان النظام الدولي يشهد مرحلة انتقالية، في ظل الصراع بين القوة الأمريكية المهيمنة حالياً والساعية لفرض نظام القطب الواحد، والقوى التعديلية الساعية لفرض نظام متعدد الأقطاب. لا يؤشر مسار الحرب، حتى توقيت صدور هذا الكتاب، إلى تهدئة محتملة تلوح في الأفق، في ظل تصميم أطرافها على مواصلة التصعيد العسكري، مدفوعين في ذلك بأهداف كل منهم من وراء الحرب، ورفض تقديم تنازلات للآخر.
ويعد هذا الكتاب من أوائل الإصدارات في مراكز الفكر العربية التي تناقش وتحلل الحرب الأوكرانية، وذلك عبر تسليط الضوء على الأبعاد المختلفة لهذه الحرب، من حيث رصد ومتابعة تطوراتها، وتفسير أدوار الأطراف الفاعلة فيها، واستعراض التأثيرات المتنوعة والممتدة لها.
وفي هذا الإطار، يتكون الكتاب من خمسة فصول، حيث يتطرق الفصل الأول إلى الجذور التاريخية للأزمة الأوكرانية، من خلال تناول العلاقات الدولية التاريخية بين روسيا وأوكرانيا، والأبعاد السياسية العرقية والدينية للأزمة بينهما، والأهمية الاستراتيجية لأوكرانيا بالنسبة لروسيا، فيما يحلل الفصل الثاني أسباب اندلاع الحرب منذ 24 فبراير 2022، ومواقف القوى الغربية منها، وكيفية تعامل موسكو مع العقوبات الغربية المفروضة عليها، علاوة على تقييم التطورات الميدانية والمسارات العسكرية في الحرب.
ويناقش الفصل الثالث تأثيرات الحرب الأوكرانية على توازنات القوى الدولية، من خلال عرض إطار نظري عن "توازن القوى"، وطبيعة توازن القوى الدولي قبل هذه الحرب، ثم تداعياتها عليه، وصولاً إلى الحديث عن مستقبل توازن القوى الدولي في ظل الحرب الأوكرانية. بينما يستعرض الفصل الرابع اتجاهات الصراع الجيواقتصادي العالمي في ظل الحرب الأوكرانية، وذلك انطلاقاً من التطورات التي شهدها النظام الاقتصادي العالمي خلال السنوات الأخيرة، وأخيراً، يتناول الفصل الخامس تأثيرات الحرب على منطقة الشرق الأوسط، من النواحي السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، وكيفية تعامل بعض الدول في المنطقة مع انعكاسات هذه الحرب